في لوامعِ البروقِ أُنسٌ للمستوحشِ المشوقِ
حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شيب قال حدثنا مروان بن أبي بكرة قال حدثني محمد بن إبراهيم الليثي قال حدثني محمد بن معن الغفاري قال اقتحمتِ السَّنة ودخل المدينة ناسٌ من الأعراب منهم صرَّة من كلاب وكانوا يدعون عامَهم ذلك الجُراف قال فأبرقوا ليلة في النَّجد وغدوت عليهم فإذا غلام منهم قد عاد جلداً وعظماً ضيعةً ومرضاً وضمانة حبٍّ وإذا هو قد رفع عقيرته بأبيات والهاً من الليل:
![]() |
| في لوامعِ البروقِ أُنسٌ للمشتاق |
ألا يا سنا برقٍ علَى فلكِ الحمى … ليَهنكَ مِنْ برقٍ عليَّ كريمُ
لمعتَ اقتداءَ الطَّيرِ والقومُ هجَّعٌ … فهيَّجتَ أسقاماً وأنتَ سليمُ
فبتُّ بحدِّ المِرفقينِ أشيمهُ … كأنِّي لبرقٍ بالسَّتَارِ حميمُ
فهلْ مِنْ معيرٍ طرفَ عينٍ جليَّةٍ … فإنسانُ عينِ العامريِّ كليمُ
وفي قلبهِ البرقُ المُلالي رَميَّةٌ … بذكرِ الحمى وهنا تكادُ تهيمُ
ولبعض أهل هذا العصر:
أرقتُ لبرقٍ من تهامةَ خافقٍ … كأنَّ سنَا إيماضهِ قلبُ عاشقِ
يلوحُ فأزدادُ اشتياقاً وما أرَى … يشوِّقني لولاكَ من ضوءِ بارقِ
متى تدنُو لا يملكْ ليَ الشَّوقُ لوعةً … وإنْ تنأى عنِّي فالتَّوهُّم شائقي
فرأيكَ في عبدٍ إليكَ مفرُّهُ … لتنعشَهُ بالوصلِ قبلَ العوائقِ
وقالت الخنساء:
أمبتدرٌ قلبي إن العينُ آنستْ … سنا بارقٍ بالنجدِ غير تهامي
فليت سماكياً يطيرُ ربابهُ … يقادُ إلى أهلِ الغضا بزمامِ
فيشربَ منهُ جَحْوشٌ ويشيمهُ … بعينيْ قطاميٍّ أغرَّ شآمي
فأُقسمُ أنِّي قد وجدتُ لجَحْوشٍ … إذا جاءَ والمستأذنونَ نيامُ
فإنْ كنتَ من أهلِ الحجازِ فلا تلحْ … وإنْ كنتَ نجديّاً فلحْ بسلامِ
فأهلُ الحجازِ معشرٌ ما أُحبُّهمْ … وأهلُ الغضا قومٌ عليَّ كرامُ
وقال آخر:
أقولُ لبوَّابَيْنِ والسِّجنُ مغلقٌ … وطالَ عليَّ اللَّيلُ ما تَرَيانِ
فقالا نرَى برقاً يلوحُ وما الَّذي … يشوقكَ مِنْ برقٍ يلوحُ يَمانِ
فقلتُ افتحا لي البابَ أجلسْ إليكُما … لعلِّي أرَى البرقَ الَّذي تَرَيانِ
فقالُوا أُمرنا بالوثاقِ وما لنا … بمعصيةِ السُّلطانِ فيكَ يَدانِ
ألا ليتَ شِعري وهو ممَّا يهمُّني … متى أنا والصَّهَّالُ مُلتقيانِ
وقالت رامة بنت الشماخ:
أُلامُ علَى نجدٍ ومنْ تكُ دارهُ … بنجدٍ يُهجهُ الشَّوقُ شيءٌ يرايعهْ
تُهجهُ جنوبٌ حينَ تبدُو بنشرها … يمانيةٌ والبرقُ إذْ لاحَ لامعهْ
وقال الأحوص:
أصاحِ ألمْ تحزنكَ ريحٌ مريضةٌ … وبرقٌ تلالا بالعقيقينِ لامعُ
فإنَّ غريبَ الدَّارِ ممَّ يشوقهُ … نسيمُ الرِّياحِ والبروقُ اللَّوامعُ
ومنْ دونِ ما أسمُو بطرفي لأرضهمْ … مفاوزُ مُغبرٌّ منَ التِّيهِ واسعُ
فأبدتْ كثيراً نظرَتي منْ صبابتي … وأكثرُ منهُ ما تجنُّ الأضالعُ
أهمُّ لأنسَى ذكرَها ويشوقُني … رفاقٌ إلى أهلِ الحجازِ نوازعُ
وأنشدني أحمد بن يحيى:
أكلَّما لمعتْ بالغورِ بارقةٌ … هفا إليها جَناحا قلبكَ الخفقُ
إنْ كنتَ مثَّلتَها مِنْ كلِّ رابعةٍ … للشَّمسِ والبدرِ أوْ للمنظرِ الأنقِ
لتُصبحنَّ قتيلاً طُلَّ مصرعهُ … مِنْ طعنةٍ في الحشا مكتومةِ العلقِ
